mouchmabir1 منتدى الابداع و التميز
عدد الرسائل : 785 نقاط التميز : 500 عارضة الطاقة : نقاط : 820 السٌّمعَة : 4 تاريخ التسجيل : 24/09/2008
| موضوع: مفهوم الشغل الإثنين 26 يناير 2009, 12:46 | |
| الطرح الإشكاليالشغل في دلالته الفلسفية فاعلية خاصة بالإنسان تستهدف تغيير وتحويلالطبيعة، أي أنه يدخل الإنسان والطبيعة في علاقة منتجة لقيم نافعة ويستدعيتدخل نشاط الفكر والوعي ليتميز عن النشاط الحيوي الغريزي للحيوان وبذلكفهو ينضاف إلى قائمة الفاعليات الخاصة بالإنسان وحده كاللغة والعقلوالفن... وبالنظر إلى أن الشغل يحيل على علاقة الإنسان بالطبيعة، فانه يحضر كإكراهتفرضه ضرورات موضوعية كالحاجات البيولوجية والطابع الموضوعي لقوانينالعالم الطبيعي، بل إن لفظة “الشغل” تشتق في اللغة الفرنسية من Tripaliumالتي تدل أيضا على آلة لتعذيب العبيد الفارين، كما يرتبط الشغل في المجالالطبي بالمخاض والولادة.وبناءا عليه ألا يعد الشغل شقاءا وعذابا ونفيا لماهية الإنسان وعاملا من عوامل استلابه واغترابه عن ذاته، أم أنه على العكس من ذلك تحقيق لماهية الإنسان ككائن مزدوج مفكر/صانع وعنصر من عناصر تحريره بما يتيحه من إمكانيات لتطويع الطبيعة وأنسنتها وتأمين الحاجات الحيوية من اجل تجاوزها نحو أنشطة اكثر إبداعية واستجابة للأبعاد المتعددة في الإنسان ؟ إنالظرفية الإقتصادية اليوم تجعلنا ننظر إلى هذه الأسئلة كترف فكري أو نجيبعليها بتسرع قائلين إن الشغل مطلب حيوي وملح لفئات إجتماعية عريضة لمايحققه من إستقرار مادي إقتصادي بل ونفسي، كما أن وفرته مؤشر على درجة تقدمالمجتمع. ولكن، لندع الظرفي مؤقتا جانبا ، ولنسائل الشغل في جوهره. الشغل كاستيلابالإستيلاب الميتافيزيقي:إستيلاب مرتبط بطبيعة الشغل المتعارض مع ماهية الإنسان تكاد الفلسفة عبر حقبة طويلة من تاريخها لا تتناول الشغل إلا عرضا على نحوهامشي بمناسبة الحديث عن المدينة اوالحرية اوالعدل ... وغالبا ما تناولتهبنوع من الاحتقار والازدراء . وإذا كان الحس المشترك يلوم الفلسفة علىطابعها التجريدي والنظري غير العملي، فان بعض المذاهب الفلسفية بالمقابلاعتبرت الشغل بالفعل متنافيا ومتعارضا مع ماهية الإنسان التي لا تكمن بحقإلا في التأمل والنظر العقلي بينما لا يتجه الشغل إلا إلى إرواء رغباتالجسد معتمدا على مجرد المجهود الجسدي.ضمن هذا التصور، اعتبرت الفلسفة اليونانية أن الشغل - خصوصا اليدوي منه -يعبر عن بؤس الإنسان لا نبله، مرددة بذلك صدى كثير من التصوراتالميثولوجية التي عدت الشغل عقابا سلطته الآلهة على الإنسان بسبب خطيئةأصلية . وبمصطلحات أفلاطونية، فإن الشغل يشد الإنسان إلى عالم الكهفوالمادة كما يرتبط بالبعد الحيواني في الإنسان متمثلا في الجسد ورغباته.إن التأمل أو النظر العقلي لهو النشاط الوحيد الذي يسمو بالإنسان ويحققماهيته وهو الطريق إلى عالم الحقيقية عالم الأفكار والمثل الخالصة، لذلكففي جمهورية أفلاطون تختص أرفع طبقة – طبقة الذهب - بوظيفة التفكيروالتأمل والحكم، في حين يرتبط الشغل والإنتاج بالطبقة الدنيا، طبقةالنحاس. يقول أفلاطون: « أما أصحابنا الفلاسفة فهم يتجاهلون مند الصغرالطريق المؤدية إلى السوق والساحة العمومية ... ولا يتنازلون إلى شيء منالأشياء الدانية القريبة”. وليست الثنائية الأفلاطونية: "عالم المثلالخالدة /عالم المادة المتغير" سوى تعبير عن ثنائية اجتماعية: مواطنونأحرار يتأملون من جهة وعبيد منهمكون بالعمل الشاق من جهة أخرى ولأنالاحتقار الذي يشعر به المرء إزاء المجموعة التي تمارس نشاطا ما ينتقل إلىهذا النشاط نفسه، فإن كل ما هو يدوي ومرتبط بمهارة يدوية كان مصدرا للخجلومشوها للنفس والجسم معا. يقول نيتشه: « في الماضي كان العامل هو الذييشعر بالذنب وكان الرجل النبيل يخفي شغله إذا ما دفعه الاحتياج إلى الشغلوكان العبد هو الذي يشتغل وأثناء الاشتغال كان يلازمه إحساس بأنه يفعلشيئا حقيرا في ذاته وكان الرأي السائد لدى القدامى هو أنه لا نبل ولا شرفإلا في وقتي الفراغ أو الحرب”. ورغم أن المهن والحرف هي في حد ذاتها مهمةإلا أن من يمارسها لا يهدف سوى إلى إشباع ماهو دنئ في الإنسان أي الجانبالحيواني في النفس، لذلك لا يمثل العيش من أجل المتع الجسدية في نظر أرسطوسوى أدنى مستويات الحياة بينما تكمن الحياة والسعادة الحقة في التأمل، وفيكل نشاط لا يجد غايته سوى في ذاته. بل إن الأمر يصل لحد اعتبار العبد أداةكباقي الأدوات.الإستيلاب الإقتصادي: إستيلاب مرتبط بأشكال التنظيم الإجتماعي للشغل إذا كان هذا المنظور التبخيسي للشغل يجد مبرره في النظام العبودي، فإنالعامل سيتحول من عبد إلى قن في الفيودالية ثم أخيرا إلى أجير "حر" فيالرأسمالية، بيد أن قوة عمله ستصبح أيضا سلعة كباقي السلع خاضعة لقوانينالسوق كالعرض والطلب والعقلنة والاستغلال الأمثل، مما يعني بالنسبة للعاملتنازلا عن بعض مقومات كرامته. ومن خلال تتبع الحيثيات الملموسة لعمليةالشغل يتبين أن استلاب العامل يتخذ معنيين: حرمانه من ثمار عمله واغترابهعن ذاته أثناء عملية الإنتاج. إن العمل يكسب المادة الخام قيمة تبادلية جديدة تتجاوز بكثير قيمتهاالأصلية، وهذه القيمة الأصلية تمثل الأجرة الطبيعة التي لا يعود منها لقوةالعمل سوى نزر يسير مقارنة مع حصة رأس المال، بل إن العامل لم يكن يتقاضىفي بداية الثورة الصناعية سوى ما يسمح له بالبقاء وتجديد قوة العمل، ممايعمق لديه الشعور بعقم ما يمثله هذا الكدح بالنسبة له هو نفسه مادام لايمتع بالقيمة الحقيقية لقوة عمله. وبما أنه يبيع هذه الفاعلية الحيويةللغير فإن نشاطه الحيوي لايمثل بالنسبة إليه سوى وسيلة تمكنه من العيش،والشغل بالنسبة إليه لا يمثل جزءا من حياته وإنما تضحية بحياته من حيث أنمجهود عمله لايمثل غاية لفاعليته. وقد لاحظ ماركس في هذا الصدد بأن العامللا يهمه من الحرير الذي ينسجه والذهب الذي يستخرجه سوى الأجرة، فيتحولالذهب والحرير إلى كمية معينة من وسائل العيش وربما إلى وجبة عشاء أو قميصصوف لماذا يشتغل إذن؟ ألمتعة الخلق أم بغريزية طبيعية ؟ ويجيب انجلز: كلا،أبدا إنه يشتغل من أجل المال، من أجل شيء لا يربطه أي شيء بالعمل في حدذاته، يشتغل لأنه مرغم على ذلك.يتمثل الاستلاب في هذا المستوى في شعور العامل بنوع من الاغتراب في شغلهلأن هذا الشغل يتخد شكل مهمة إجبارية بدون حوافز مما يؤدي الى انفصال حياةالعامل إلى شطرين: شطر أعظم لا ينتمي في الواقع إلى حياته وهي المدة التييقضيها في العمل وإنتاج أشياء لا علاقة له بها، وشطر ضئيل يبدأ عند نهايةالعمل والتوجه إلى المطعم للأكل أو إلى المقهى للهو أو إلى البيت للنوم...ومع مرور الوقت يزداد العامل كراهية لشغله لما يمثله من قهر، ولا يحس بأنهيتصرف بحرية إلا حين قيامه بوظائفه الحيوانية من أكل وشرب وإنجاب... وفيالمقابل يحس بأنه حيوان حين قيامه بوظائفه الإنسانية الخالصة(أي الشغل)،فما هو حيواني- حسب ماركس - يصير إنسانيا و ما هو إنساني يصبح حيوانيا!لقد دفع البحث المتزايد عن المردودية بالرأسمالية إلى البحث عن عقلنةمتزايدة للعمل وذلك بتجزيئه إلى حركات ومهام بسيطة يتخصص كل عامل في جزءمنها لزيادة الفعالية، بيد أن الشغل يغدو في الحالات القصوى مجرد حركاتميكانيكية رتيبة فاقدة للمعنى، يمكن أن تؤدي في المدى الطويل إلى نوع منالتبلد الذي عبر عنه شابلن بطريقة ساخرة في فيلم الأزمنة المعاصرة، كماعبر عنه انجلز بقوله: "ترى كم يستطيع أن يحتفظ لنفسه بمشاعر ومواهبإنسانية في الثلاثين من عمره من اشتغل منذ صباه اثنا عشر ساعة في اليوم فيصنع دبابيس أو برد دواليب مسننة؟! »إن الإستيلاب يتجلى في هذه الحالة في فقدان العمل لمعناه واغتراب الإنسانعن ذاته أثناءه، بحكم رتابته وتقليصه للفاعلية الواعية التركيبية والنشاطالفكري للعامل، لكي يحصرها في حركات بسيطة متكررة. إنه شكل آخر من أشكالالتشيئ. | |
|