mouchmabir1 منتدى الابداع و التميز
عدد الرسائل : 785 نقاط التميز : 500 عارضة الطاقة : نقاط : 820 السٌّمعَة : 4 تاريخ التسجيل : 24/09/2008
| موضوع: الرواية العربية الواقع و التطلعات الجمعة 26 سبتمبر 2008, 04:59 | |
| الرواية العربية الواقع و التطلعات اعتقد أن وضع الرواية العربية سيكون أفضل لو يقع الاهتمام بها و الاحتفاء بالقدر الذي نلمسه لدى الغرب مع الأعمال الإبداعية . و ذلك بترويجها بطريقة جيدة في السوق العالمية بالترفيع من أعداد النسخ المطبوعة و بحركة ترجمة نشيطة موازية تنقل الأعمال العربية إلى اللغات الرئيسية في العالم. و سيكون كذلك حالها أفضل لو حصنت من موجات القمع و الحجز و موضة الحسبة و محاكمة أصحابها و تحديد شروط إبداعية لها ناهيك عن موضة التشكيك في انتماءها إلى أصحابها و انتسابها لكتابها. إن الرواية العربية حسب اعتقادي هي الجنس الأدبي الذي استطاع أن يعكس عوالم أجيال بكل المناخات التي أحاطها و الأوضاع السياسية و الاجتماعية و العقائدية و الثقافية منذ أن كتب فارس الشدياق " الساق على الساق " سنة 1855 حتى يومنا هذا. و مثلما زخرت تلك الفترة التاريخية بتقلبات مجتمعية متعددة عرفت الرواية منذ فجر تأسيسها على يد الرواد الأوائل تحت مؤثرات الثورة و الانفتاح الاجتماعي أحقاب مختلفة من منظور الشكل الفني و الطرح و مع كل جيل تكون لها طليعة وطبعا تختلف طليعة هذا الجيل عن هذا الجيل عن ذاك طبقا للمؤثرات كما أسلفت في القول خصوصا المؤثرات الغربية و موجات الوجودية و تلاشي الرومانسية الأدبية حتى فترة متقدمة مع جيل Le Nouveau Roman
يقول الدكتور جابر عصفور في مقال بعنوان : " فجر الرواية العربية " بمجلة فصول عدد 4 سنة 1998 وبعد تعرضه إلى نقدية اهتمت بالسر ديات : " ... تؤكد النتيجة المتكررة في كل محاولة لمراجعة الأعمال السابقة إن ولادة الرواية العربية كانت شامية ، علامتها الأولى ( غابة الحق ) للمراش سنة 1865 في موازاة رواية ( الهيام في جنان الشام ) لسليم البستاني سنة 1870 " .
و يشير الدكتور جابر عصفور إلى أن " احمد فارس الشدياق في تجربته ( الساق على الساق ) التي صدرت سنة 1855 في كسر رقبة بالغة النثر التقليدي المقيد بزخارفه الجامدة و ذلك لكي يسمح هذا النثر بتدفق الكتابة السردية المنطلقة التي تجلت في تجربته المذكورة و هي الكتابة التي يمكن أن نعدها علامة أساسية من علامات الابتداء السردي الذي سرعان ما أصبح رواية " .
هذا كومضة عن انطلاق الرواية في المشرق العربي ، أما عن الرواية المغاربية يقول الأستاذ عبد الحميد عقار في مجلة فصول عدد4 1998 : " الرواية المغاربية حديثة العهد من حيث النشأة و التكون و التطور قياسا إلى مثيلتها في المشرق العربي و يعتبر تكونها حصيلة تطورات اجتازتها أشكال شبه روائية مثل القصص التاريخي و السيرة الذاتية و هما بدورهما جاءا استجابة لتحولات النثر الأدبي خلال النصف الأول من القرن العشرين ... تعتبر الروايات التالية كنمط اصلي و هي الروايات المغاربية الأولى الناضجة :
• رمز الضحايا 1956 لمحمد العروسي المطوي
• دفنا الماضي 1966 لعبد الكريم غلاب
• ريح الجنوب 1971 لعبد الحميد بن هدوقة
• الإماء المتغيرة 1981لأحمد ولد عبد القادر
• حقول الرماد 1985 لأحمد إبراهيم الفقيه
بصمات خاصة المتأمل في النتاج المختلف للروائيين على الساحة العربية بإمكانه أن يلمس بصمات معينة لدى بعضهم فقد عرف الروائي إبراهيم الكوني بسر دياته المطولة المنغمسة في عمق الصحراء و ألغازها و عالم الطوارق . أما حنا مينه فترشح رواياته بروائح البحر و المرافئ و عرق الصيادين. و ليس هناك من تحدث عن القاهرة بكل مناخاتها مثل نجيب محفوظ و من يريد التعرف على مناخ المغرب تجيبه روايات عبد الكريم غلاب و محمد شكري و من يريد أن يتنسم رائحة الجزائر تمثل " نوار اللوز " لواسيني الأعرج مرآة صادقة .و في تونس يبدأ الشريط مع " برق الليل " للبشير خريف لتتنوع الأغصان و تختلف المذاقات أما المناخ السياسي فترشح به روايات عبد الرحمان منيف .
و إن أراد المتلقي أن يلمس تشوهات المنفى و الاغتراب و لوا عج الثورة عن الأوضاع السائدة المعتلة فالدلالات واضحة عند الطيب صالح ( موسم الهجرة إلى الشمال) و غادة السمان و حنان الشيخ و ليانة بدر و سميرة المانع و أحلام مستغانمي و قبل كل هؤلاء كتب توفيق الحكيم " عصفور من الشرق " .
فن الرواية العربية : رؤية و بعد بحكم خصوصية البناء داخل الفن الروائي و خصوصية القارئ الروائي ثمة مسالة للطرح على غرار أزمة الكتابة أو نقصها و هي أزمة القراءة أو القارئ بشكل عام. فإذا كان الكاتب الروائي يتحمل عناء الكاتبة و البناء إنشاء فان القارئ الروائي عليه أيضا أن يتكفل بمشاغل القراءة و التحليل لان الرواية هي خطاب في إطار حوار متبادل بين طرفين هما الروائي و القارئ ( الباث و المتقبل ) .
نلاحظ خصوصية القراءة و قلة القراء لضيق الوقت في عصر السرعة مما أدى إلى تقلص فضاء القراءة فتقلص حجم الرواية.
إن تنميط الكتابة الروائية هو اختزال لحجم القراء و يتضح لنا ذلك خصوصا في ما يسمى بمفهوم الالتزام الذي يعني التزام في مستوى الشكل الروائي أو في مستوى المضامين التكرارية و بذلك تصبح الرواية موجهة لقارئ معلوم يكرر النصوص و لا يضيف لها شيئا و ذلك ما يحيلنا إلى غياب القارئ المنتج فهو قارئ مستهلك و انو استطاع الأدباء و القراء التعرف على هذا المفهوم و غيره مما تيسر لهم بفضل الحداثة النقدية بمختلف مدارسها الغربية و تياراتها ، فان ذلك لا يزال في مستوى الاجترار و ليس نتاج ديناميكية أرادب و جدلية الأدب و النقد في ظل الأدب العربي .
مشرق / مغرب إن المحقق في تاريخ نشأة الرواية العربية و مراحل تطورها يلاحظ كما في بقية الفنون السردية أن الأدباء المغاربة يطلعون على فنونهم من نافذة المشرق ، فهل يمكن اعتبار ذلك يعود إلى اتساع الفضاءات الأدبية من دور نشر و تأمين حقوقها و من توافر المجلات و الأعلام إلى جانب حركة ترجمة نشيطة تتجه نحو أمهات كتب الأدب العالمي ؟ أم أن الأدباء المغاربة منشدون إلى محطة الثقل الأدبي الزاخر قديمه و جديده ؟
هل فعلا تمثل الرواية الواقع العربي الراهن أم هي لم تطأ أرض الواقع ؟ بعيدا عن أدلجة الأدب و لكن في سبيل إرساءه في بوتقته التعبيرية الوظيفية فوظيفة من وظائف الأدب هي التعبير و التأثير هل تفي الرواية في ذلك في ظل واقع التمزق؟
لئن اجتمع رواد الستينات حول أدب المأساة في ظل الكتابة الروائية و المسرحية فان ذلك لم يكن إلا في حال من السجال و الادلجة الأدبية . بمعنى خروجنا من فضاء الكتابة الروائية ألإبداعية و ولوجنا عالم الأيديولوجيا و الأفكار دون توظيف الخيارات و التعبير عنها تعبيرا أدبيا مجديا.
هل أن زماننا زمن رواية ؟ قد يذهب البعض إلى كون عصر الشعر قد ولى و انتهى و حلت محله الرواية سمة الأدب البارزة في العصر الحديث فان ذلك لا يتيسر لدينا إذا ما قابلنا تحول من البادية إلى الحاضرة بتحول في حجم الفضاء المتاح للقارئ الروائي إلى جانب تطور و يسر أساليب التخاطب العصري من سمعي و بصري في زمن السرعة و الانفجار الإلكتروني
هناك من يرى أن الشعر الذي يقوم بالأساس على البنية الإيقاعية في معنى الإيقاع العام و إيقاع الصورة هو جنس ينتمي إلى عصر آخر حدث فيه الانسجام هو جنس ينتمي بين الشكل و المضمون و المقول الشعري أما اليوم و بتأثير تطور داخلي خاص بالشعر العربي من ناحية و بتأثير خارج نابع من اثر المترجم الغربي لشعرنا العربي الحديث منذ نازك الملائكة إلى اليوم فان المسالة قد تغيرت كثيرا و بدا الجنس الشعري باحثا عن المقومات جديدة لوجود جديد و بما أن الطبيعة ترفض الفراغ فان الرواية احتلت المجال خاصة مع التطور الملحوظ الذي طرأ على الذائقة العربية و التي تحولت خلال القرن العشرين من ذائقة بدوية إلى ذائقة مدنية و لعل الشعر يبدو منسجما مع إيقاع الترحال و التنقل أما الرواية فهي من خصائص الحواضر على حد قول صلاح الدين بوجاه .
هناك من يكتب ولا يفكر في المتلقي فبوجاه يصرح بكونه في لحظة الكتابة لا يفكر البتة في المتلقي فحين يكتب يكون في لحظة ثأر من الواقع الذي يحيط به " كأنما أصرخ لذة و أقول ها أنا قد تمكنت من أن أكون منفردا و أن احلم نفسي ، و أن اخلق عالما خاصا أكون فيه سيد الكون و الأشياء و هذا في ذاته انتصار على كل العوالم التي ليست هي عوالم نصية "
رغم أن لحظة الكتابة عنده هي التي يتمكن فيها من لم شتات الذوات الكثيرة التي تكونه و التي يشعر فيها بالتوافق بين بواطنه و ظواهره لهذا يرى فيها ساعة متعة و ألم في نفس الوقت و لهذا يدخلها مرهقا و يغادرها اشد إرهاقا .
فلحظة الكتابة رغم انفصالها عن المتلقي عند بوجاه إلا أنها تمثل تلك اللحظة التي يقوم فيها جميع هؤلاء الذوات الأصدقاء للمشاركة في جلسة كتابية.
سبتمبر 2000 | |
|